المُخبر الاقتصادي+ | هل تستمر الأسعار بالارتفاع خلال 2023؟ ومتى تنخفض بالضبط؟
الأسعار يمكن هي أكتر موضوع كان شاغل الناس في 2022 وعلى الأغلب هتفضل هي محور الحديث في السنة الجديدة مش بس عندنا هنا في الوطن العربي وإنما في العالم كله دا موضوع صعب جداً تجاهله وخصوصاً في ظل أن كل حاجة أسعارها زادت وبتزيد بصفة يومية تقريباً بداية من الأكل والشرب ومروراً بالطاقة وانتهاءً بالسكن والمشكلة في الحقيقة مش هي أن الأسعار بتزيد المشكلة هي أن الناس خايفة وخوفها دا نابع من حقيقة أنها مش عارفة ولا قادرة تتوقع بكرة هيحصل فيه إيه أو الأسعار رايحة فين فيه حالة من الارتباك وعدم اليقين مسيطرة على الأجواء خصوصاً في ظل الكلام الكتير حوالين احتمال تورط العالم في فخ الركود القلق والتوتر اللي مسيطر على ناس كتير دا علشان يقل أو ينتهي لازم الناس تفهم الأسعار بتزيد ليه أصلاً كله دلوقت مشغول بتوقعات 2023 في حين أن معظمنا مش فاهم إيه اللي حصل أصلاً في 2022 لو فهمت اللي حصل السنة اللي فاتت هتعرف لوحدك الأسعار في 2023 و2024 رايحة لفين في حلقة النهار دا هنعرف مع بعض إيه اللي بيحرك الأسعار الفترة الأخيرة في كل الدول العربية وهيفضل يحركها في 2023 وليه مثلاً الموبايل المستورد دا ممكن يكلفك ما يعادل ألفين دولار لو أنت بتشتريه من بلد زي لبنان ويكلفك حوالي ألف دولار لو بتشتريه من السعودية؟ دا اللي هندردش فيه مع بعض في حلقة النهار دا أنا أشرف إبراهيم ودا المخبر الاقتصادي+ في 22 يونيو اللي فات رئيس الوزراء السريلانكي السابق رانيل ويكريمسينغه اللي هو رئيس البلد حالياً قال لأعضاء البرلمان السريلانكي يا جماعة الاقتصاد انهار تماماً إحنا لا عارفين نشتري أكل ولا وقود وغالباً إحنا في طريقنا للسقوط للحضيض كلام الرئيس السريلانكي ممكن يبان للوهلة الأولى متشائم بس في الحقيقة هو تزويق للوضع لأن اقتصاد سريلانكا مش انهار الاقتصاد دا ما بقاش موجود أصلاً فقد كل أو معظم مقوماته وهنا قبل ما أكمل خلوني أقف لحظة وأجاوبكم على سؤال ربما خطر في بال كتير منكم دلوقت وهو ليه أنا اخترت أبدأ كلامي بالحديث عن سريلانكا بالذات رغم أنها بعيدة شوية عننا؟ في الحقيقة سريلانكا هي أفضل نموذج ممكن أقدر أشرح لكم من خلاله الميكانيزم أو القوة اللي هتحرك الأسعار ومعدلات التضخم في 2023 مش بس عندنا هنا في الدول العربية وإنما في العالم كله طب إزاي؟ هقول لك أزمة سريلانكا لو حبينا نبسطها ممكن نختصرها في مشكلتين 2 الأولى هي أن فاتورة ورادتها ارتفعت جداً بسبب أن أسعار الواردات من السلع الأساسية غليت والتانية هي أن البلد دي ما معهاش فلوس أصلاً لدفع تمن الواردات وخلونا ناخدهم بالترتيب أسعار السلع الأساسية ليه زادت سواء على سريلانكا أو غيرها؟ وهترخص إمتى؟ في أواخر 2021 وإحنا بنستعد للدخول برجلنا اليمين لـ 2022 المحللين وشركات البحوث غرقوا السوق كالعادة بتوقعاتهم لمستويات الأسعار في السنة الجديدة في الوقت دا كان فيه ما يشبه الإجماع أن أسعار السلع الأساسية هتنخفض في 2022 كله كان واثق أن الأسعار هتنخفض لأن الحسابات ومعطيات السوق بتقول كدا على هذا الأساس الناس دخلت السنة الجديدة وهي كلها أمل أن 2022 هتكون أفضل من 2021 و2020 اللي عانينا فيهم من أوضاع اقتصادية صعبة وفي وسط ما الكل متحفز والابتسامة مالية وشه وفاتح إيديه للخير اللي جاي فيه واحد ضرب فجأة كرسي في الكلوب وطفا النور والنجفة وقعت على دماغ أمل وماتت في 24 فبراير اللي فات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر قواته بغزو الأراضي الأوكرانية علشان تبدأ من اللحظة دي الحرب الروسية الأوكرانية اللي تسببت في أكبر زلزال جيوسياسي بيعاني منه العالم كله من ساعة نهاية الحرب العالمية التانية تقريباً الحرب دي شقلبت أحوال العالم كله وأثرت على كل الاقتصادات العالمية بطرق مختلفة والسبب الرئيسي في اتساع تأثيرات الحرب دي هو أن فيه أطراف كتير اشتركت فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في سعيهم لمساعدة أوكرانيا ومجابهة روسيا فرضوا عقوبات اقتصادية شديدة جداً على الروس العقوبات دي إلى جانب الحرب نفسها رفعوا أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم كله في السما والضحية الأولى كانت أسعار الغذاء روسيا وأوكرانيا اللي مدورين الضرب في بعض بقى لهم أكتر من 10 شهور دلوقت هما من أكبر منتجي الحبوب في العالم البلدين دول مع بعض كانوا مسؤولين عن ما يقرب من تلت الصادرات العالمية للقمح دا غير أنهم من أكبر مصدري الذرة والبذور الزيتية زي بذور اللفت وعباد الشمس كل الصادرات دي فجأة خرجت من السوق ودا على فكرة مش بسبب العقوبات الغربية العقوبات الغربية ما قربتش من الحبوب كل الحكاية هو أنه في ظل الضرب اللي شغال والاستهداف المتعمد للمواني والبنية التحتية ما كانش حد من الطرفين وخصوصاً أوكرانيا قادر أنه يشحن الحبوب بتاعته للخارج خروج الحبوب الروسية والأوكرانية من السوق عمل صدمة شديدة في حجم المعروض في السوق العالمي ودا رفع أسعارها لمستويات خزعبلية على سبيل المثال القمح كان سعره عامل 7 دولار و70 سنت للبوشل في بداية السنة وصل لأكتر من 13 دولار للبوشل في أوائل مارس واللي ضغط أكتر على الأسعار هو انخفاض الإنتاج في أماكن تانية في العالم بسبب الطقس كندا مثلاً اللي بتعتبر واحدة من أكبر مصدري القمح في العالم فقدت 40% من إنتاجها من القمح في موسم 2021-2022 بسبب الجفاف وأحوال الطقس علشان كدا خفضت صادراتها أسعار القمح الحمد لله بدأت تنخفض بعد ما روسيا وأوكرانيا وقعوا مع بعض في يوليو اللي فات على اتفاقية برعاية الأمم المتحدة وتركيا بتسمح بمرور آمن لأكتر من 20 مليون طن من الحبوب المحاصرة في مواني البحر الأسود الاتفاق دا بما أنه بين طرفين فيه بينهم حرب شغالة فنقدر نعتبره اتفاق هش وغير مستقر والدليل على دا انسحاب روسيا من الاتفاق في نهاية أكتوبر اللي فات قبل ما ترجع له تاني بعدها بأيام روسيا أول ما أعلنت انسحابها أسعار القمح العالمية زادت وأول ما رجعت الأسعار ريحت تاني دا معناه أن استقرار أسعار الحبوب وخصوصاً القمح خلال 2023 مرهون بصلابة واستمرار الاتفاق القائم حالياً بين الروس والأوكران دا باختصار الجزء المتعلق بالغذاء نيجي بقى للجزء المتعلق بالطاقة لو سألت أي حد فيكم إيه هو السر ورا صمود الاقتصاد الروسي وعدم انهياره لحد النهار دا رغم العقوبات الاقتصادية العنيفة وغير المسبوقة اللي تم فرضها عليه من أقوى الاقتصادات في العالم فأظن أن دا سؤال إجابته مش صعبة باختصار إيرادات البلد من النفط والغاز بتوفر لها سيولة مهولة بتساعدها على تقليل تأثيرات العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها للحد الأدنى وفي نفس الوقت بتساهم في تمويل جهود الحرب على أوكرانيا في أبريل اللي فات بلومبرغ توقعت أن إيرادات روسيا من النفط والغاز في 2022 ممكن توصل لـ 321 مليار دولار ودا في حالة أنه ما تمش فرض حظر على صادراتها من الطاقة والصادرات دي فضلت توصل بحرية للأسواق الدولية دول الاتحاد الأوروبي في سعيها لحرمان روسيا من الفلوس دي فرضوا حظر على صادرات روسيا من النفط وسابوا الغاز لأنهم محتاجينه بوتين على الناحية التانية قرر أنه يعاقبهم من خلال حرمانهم من صادرات الغاز الروسي اللي اقتصاداتهم معتمدة عليه %45 من واردات الأوروبيين من الغاز قبل الحرب كانت من روسيا وعلى هذا الأساس الأوروبيين بدؤوا يدوروا في أسواق النفط والغاز على موردين تانيين يعوضوا الروس ودي كارثة كبيرة جداً بالنسبة لكل الدول المستوردة للنفط والغاز في العالم لأن الروس ساعتها كانوا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وتاني أكبر مصدر للنفط في العالم الأوروبيين بقى سابوا الروس وراحوا يتنافسوا مع بقية العالم على الجزء الباقي من السوق ودا طبعاً عمل ضغط على أسعار الطاقة وخصوصاً أسعار الغاز في كل مكان النفط وتحديداً خام برنت بدأ 2022 وهو قريب من 78 دولار للبرميل وفي النص الأول من السنة فضل يحوم شوية حوالين الـ 100 دولار وبعدين في النص التاني من السنة بدأ يتحرك في النطاق بين 80 و90 دولار تقريباً في نفس الوقت أسعار الغاز وصلت في يوليو لمستويات ما شفناش زيها من 14 سنة ارتفاع أسعار النفط بيترجم فوراً في صورة منتجات بترولية أغلى يعني البنزين والسولار وكل المنتجات البترولية المكررة أسعارها بتغلى وفي نفس الوقت أي منتج النفط بيدخل بشكل مباشر في تصنيعه سعره بيزيد نفس الكلام بالنسبة للغاز الطبيعي الغاز الطبيعي بيسمع فوراً في أسعار الكهربا لو محطات التوليد شغالة بيه وفي نفس الوقت بيسمع في كل منتج بيعتمد عليه زي الأسمدة مثلاً وبالمناسبة ارتفاع أسعار الأسمدة بيأثر بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي الإنتاج بيقل وبالتالي أسعار الغذاء بتزيد أكتر ما هي زايدة وقبل ما نروح للنقطة اللي بعد كدا ضروري تاخدوا بالكم من حاجة مهمة جداً رجوع الاقتصاد الصيني للعمل بكامل قوته كما هو متوقع قريب هيأثر بشكل سلبي على الدول المستوردة للنفط لأن الطلب الصيني على الطاقة هيرفع أسعارها العالمية واللي معاه يدفع واللي ما معهوش يركن على جنب إغلاق الاقتصاد الصيني خلال الفترة اللي فاتت كان مصلحة بالنسبة لأي دولة بتستورد نفط بس في نفس الوقت رجوعه هيفيد الدول المصدرة للنفط زي دول الخليج والعراق والجزائر ممتاز جداً كدا إحنا عرفنا أسعار السلع الأساسية زي الغذاء والطاقة زادت إزاي وليه السؤال بقى دلوقت إيه المشكلة لما الأسعار دي تزيد؟ في الحقيقة ما فيش أي مشكلة في زيادة الأسعار العالمية للسلع الأساسية إلا في حالة واحدة وهي أنك تكون دولة مستوردة للسلع دي كلما زاد اعتمادك على استيراد السلع دي كلما زاد تضررك من ارتفاع أسعارها في الخارج علشان نعرف إذا كنا معتمدين على الاستيراد بشكل عام وللا لا بنبص على مجموعة من المقاييس الاقتصادية المختلفة أبرزها نسبة ورادات البلد لناتجها المحلي الإجمالي يعني وارداتك بتمثل قد إيه من حجم اقتصادك لو بصينا على النسبة دي في الدول العربية طبقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي هنلاقي جيبوتي في المقدمة لأن وارداتها من السلع والخدمات بتمثل %107.3 من ناتجها المحلي الإجمالي بعدها الإمارات بـ 70.6% ثم البحرين بـ 67.1%
وبعدهم موريتانيا 60.9% ثم لبنان بـ 52.8% بعدهم تيجي تونس بـ 52.2%
ثم الأردن بـ 51.1% وبعدهم الكويت بـ 44.9% ثم اليمن بـ 43.2% فالمغرب بـ 42% فعمان بـ 41.4% ثم ليبيا بـ 35.4%
ثم قطر بـ 34.1% ثم سوريا بـ 33.6% والجزائر بـ 26.4% والسعودية بـ 24.3% العراق بـ 24.2% ومصر بـ 20.3%
وأخيراً السودان بـ 1.9% وبالمناسبة السبب الرئيسي في انخفاض النسبة دي بالشكل دا عند السودان هي العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها المهم على مستوى الدول العربية متوسط نسبة الواردات للناتج المحلي الإجمالي في 2020 كان عامل 36.8% دلوقت بقى وفي ظل الظروف اللي العالم بيمر بيها المفروض أن الدول العربية اللي بتعتمد على الاستيراد بشكل أكبر هي أكتر دول الأسعار بتزيد في سوقها المحلي صح الكلام دا؟ لا طبعاً مش صح لو بصيت معايا على تضخم حاجة زي أسعار الغذاء في 2022 في الدول العربية هنلاحظ أن أكتر الدول اللي أسعار الغذاء ارتفعت فيها مش هي أكتر الدول اللي بتعتمد على الاستيراد في المنطقة العربية يعني مثلاً أسعار الغذاء في لبنان زادت بأكتر من %200 وفي نفس الوقت زادت في البحرين بما يقرب من 11% بس طب إزاي دا ممكن في حين أن البحرين أصلاً بتعتمد على الواردات أكتر من لبنان؟ هقول لك إحنا متفقين أن فيه تضخم عالمي بنتكلم على تضخم نسبته تقريباً 10% في الربع الأخير من 2022 دا تضخم سببه إلى حد كبير وجود مشاكل على جانب العرض في السوق وهو في النهاية تضخم مستورد يعني القمح مثلاً سعره زاد مش علشان بقى فيه فجأة طلب مرتفع عليه لا هو سلعة مستوردة وسعرها زاد برا المهم الـ 10% دول ممكن يوصلوا لك كمستهلك نهائي زي ما هما وممكن يوصلوا لك بنسبة أقل 3% مثلاً أو ما يوصلوش ليك خالص وممكن يوصلوا لك 1000% اللي بيحدد النسبة اللي بتوصل لك كمستهلك نهائي من التضخم المستورد هما 3 حاجات الأولى هي هيكل الواردات يعني إيه اللي بلدك بتستورده أصلاً بتستورد أكل وشرب وطاقة وسلع استهلاكية وللا بتستورد مدخلات إنتاج وبتعيد تصديرها في صورة منتجات نهائية يعني مثلاً نسبة واردات الصين لناتجها المحلي الإجمالي في 2021 كانت عاملة %17.4 الواردات دي معظمها مواد أولية ومدخلات إنتاج نفس الفكرة الدول النفطية مثلاً زي دول الخليج بتستورد غذاء مش بتستورد طاقة وبالتالي التضخم المستورد للسلع الأساسية عندها محصور بشكل كبير في الغذاء وهي في نفس الوقت بتصدر التضخم للعالم في صورة نفط وغاز أسعارهم أعلى الحاجة التانية بقى اللي بتحدد مدى تأثير التضخم المستورد على الأسعار في السوق المحلي هي أنت كدولة معاك فلوس كافية تشتري الواردات اللي أنت محتاجها وللا لا والنقطة دي ترجعنا للمشكلة التانية اللي بتعاني منها سريلانكا واللي أشرت ليها في بداية الحلقة مشكلة سريلانكا يا جماعة هي أنها ما معهاش فلوس تمول وارداتها من السلع الأساسية اللي هي الغذاء والطاقة في مايو اللي فات وزير المالية السريلانكي السابق علي صبري اللي هو دلوقت وزير الشؤون الخارجية قال لأعضاء البرلمان سريلانكا يا جماعة ما حيلتهاش دلوقت غير 50 مليون دولار هما إجمالي احتياطي البلد من النقد الأجنبي القابل للاستخدام الـ 50 مليون دولار دول هما اللي فاضلين من احتياطي قيمته 7.6 مليار دولار في 2019 طب الفلوس راحت فين؟ مش موضوعنا المهم دلوقت هو أن سريلانكا ما معهاش فلوس كافية تمول بيها وارداتها من السلع الأساسية وطبعاً مش كافية علشان تسدد ديونها سريلانكا كان المفروض تسدد 7 مليار دولار لأصحاب الديون في 2022 وبما أن ما فيش فلوس كفاية من ناحية وعبء الديون زاد من ناحية تانية سريلانكا تخلفت عن السداد طب ليه عبء الديون زاد في 2022؟ باختصار لأن الفدرالي الأمريكي رفع سعر الفايدة بأكتر من 4% السنة دي علشان عاوز يسيطر على مستويات التضخم داخل الاقتصاد الأمريكي الحركة دي رفعت تكلفة الاستدانة في جميع أنحاء العالم وفي نفس الوقت تسببت في خروج الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة واتجاهها ناحية الأسواق المتقدمة وفي مقدمتها طبعاً السوق الأمريكي ودا بالتالي أدى لارتفاع قيمة الدولار يعني الفدرالي بحركة واحدة رفع تكلفة خدمة الديون وسحب أداة تمويل مهمة وهي الأموال الساخنة ورفع سعر الدولار اللي العالم كله بيشتري بيه السلع من أي حتة على ظهر الأرض في ظل الظروف دي الحكومة السريلانكية اضطرت أنها تخنق أنشطة الاستيراد ودا تسبب في ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة لأنها مهمة بالنسبة للسوق المحلي والداخل منها أقل من حجم الطلب فسعرها زاد وأسعار البدائل المحلية زادت بالتبعية كونك ما معاكش فلوس كفاية تمول الواردات يبقى أنت ما معاكش فلوس كافية في الاحتياطي بتاعك من النقد الأجنبي نقص الاحتياطي أو تراجعه لمستويات حرجة أثره بيظهر فين؟ بيظهر على سعر العملة المحلية ودا ياخدنا لتالت حاجة بتتحكم في مدى تأثر المستهلك بالتضخم المستورد والكلام هنا عن أسعار الصرف علشان تاخد بالك أنا أقصد إيه خليني أديك مثال أنا دلوقت راجل مستورد نرويجي عايش في النرويج وأنت مستورد سريلانكي عايش في سريلانكا وإحنا الاتنين عاوزين نستورد التليفون دا من الصين التليفون دا على أرضه في الصين عامل 1100 دولار كان سعره من شهر واحد ألف دولار ولكن بسبب المشاكل بتاعة أسعار الطاقة العالمية وسلاسل الإمداد وكل الكلام دا سعره زاد بنسبة 10% كدا أنا وأنت قدامنا تضخم مستورد قيمته %10 هنتحمله سعر صرف الكورونة النرويجية قدام الدولار بيقترب من 10 كورونة لكل دولار وسعر صرف الروبية السريلانكية بيقترب من 200 روبية لكل دولار يعني كدا أنا هدفع في التليفون الواحد 11 ألف كورونة وأنت هتدفع 240 ألف روبية المعاملة دي إحنا عملناها أنا وأنت في شهر أكتوبر جينا نعمل زيها في شهر نوفمبر أنا دفعت برضو 11 ألف كورونة لأن سعر صرف الكورونة قدام الدولار فضل ثابت زي ما هو وأنت دفعت 480 ألف روبية لأن عملتك سعر صرفها قدام الدولار انهار وفقدت نص قيمتها دلوقت بقى لو كل واحد فينا مرر التكلفة الزيادة دي للزبون النهائي في بلده زي ما هي في الحالة دي الزبون النرويجي هيتحمل زيادة سعرية قيمتها 10% والزبون السريلانكي هيشيل زيادة بتتجاوز الـ 100% دا معناه أن ضعف سعر العملة المحلية ضاعف من تأثير التضخم المستورد وخلاه يضرب في السما نفس التليفون ونفس الزيادة السعرية هناك عند المنتج على أرضه بس مشكلة سعر الصرف هي اللي عملت الفرق الكبير دا والفرق دا بالمناسبة صعب جداً المستورد أو المنتج يتحمله بصوا يا جماعة فيه حاجة الجماعة بتوع الاقتصاد بيسموها الـ Pass Through Rate أو معدل التمرير سعر أي سلعة أو مادة خام مستوردة لما بيزيد أول حد بيصطدم بالزيادة دي هو المستورد أو المنتج بعد كدا المنتج بياخد القرار إذا كان هيمرر لك أنت كمستهلك نهائي الزيادة دي وللا لا في بعض الأحيان بيمررها بالكامل وفي بعض الأحيان بيمرر جزء وبيتحمل هو جزء على سبيل المثال في اليابان دايماً بنلاحظ أن مؤشر أسعار المنتجين أعلى من مؤشر أسعار المستهلك ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين معناه أن تكلفة الإنتاج زادت وبالتالي من المنطقي أن أسعار المستهلك تزيد بنفس النسبة على الأقل لكن بسبب خصوصية المستهلك الياباني اللي كنت شرحتها لكم قبل كدا في حلقة لماذا لا ترتفع الأسعار في اليابان معظم المنتجين في اليابان بيفضلوا أنهم يتحملوا هما التكلفة الزيادة علشان مستويات الاستهلاك ما تتراجعش ودا أثره بيظهر في مستويات ربحيتهم اللي بتنخفض بس طبعاً التكلفة اللي بيتحملوها تكلفة معقولة يمكن تحملها مش الزيادة الخرافية مثلاً اللي بتحصل في سريلانكا وبالمناسبة هقول لكم على حاجة تعرفوا أن الورطة اللي واقع فيها المواطن السريلانكي دي ممكن ما تكونش ورطة في حالة واحدة بس وهي أن دخله يزيد بنفس نسبة تراجع قيمة الروبية بس دا طبعاً ما بيحصلش اللي بيحصل هو أن التضخم بيتسبب في تآكل قوته الشرائية المحدودة أصلاً علشان كدا الجماعة بتوع الاقتصاد وخصوصاً مسؤولي البنوك المركزية بيعتبروا معدلات التضخم الكبيرة هي تاني أسوأ حاجة بعد أكل مال اليتيم بيكرهوا التضخم الكبير لأنه بيضر الاقتصاد وقبل منه المستهلك وعلى هذا الأساس عندهم استعداد أنهم يضحوا بالنمو الاقتصادي في سبيل السيطرة على التضخم ودا اللي بيحصل دلوقت الفدرالي الأمريكي ومن وراه البنوك المركزية الكبيرة بيرفعوا أسعار الفايدة علشان يقللوا المعروض النقدي وبالتالي يخفضوا التضخم ولكن ارتفاع تكلفة الاقتراض بيترجم فوراً في صورة نشاط اقتصادي أقل ومن ثم انكماش أو ركود كريستالينا غورغيفا رئيسة صندوق النقد الدولي بتبشرنا أن تلت العالم هيعاني من ركود في 2023 ركود يعني إيرادات أقل للشركات أجور ضعيفة النمو توظيف أقل علشان كدا الست المحترمة دي بتقول أن 2023 هتكون أصعب من 2022 دلوقت بقى لما حد يسألني الأسعار في 2023 رايحة على فين أقول له على حسب أنت عايش فين لو عايش مثلاً في أوروبا أو دول الخليج فأنت مشكلتك الأساسية التضخم المستورد ودا هينخفض لما مشاكل سلاسل التوريد حدتها تقل والأزمة الروسية الأوكرانية يحصل فيها تفاهمات تسمح للدولتين على الأقل أنهم يندمجوا تاني في أسواق السلع لأن في غياب سلع مهمة واستراتيجية زي النفط والغاز الروسي من السوق الأوروبي تحديداً أوروبا هتفضل عطشانة جداً للطاقة وهتنافس باقي دول العالم الفقيرة قبل الغنية على إمدادات الطاقة المتاحة خارج روسيا في ظل استمرار الظروف الحالية أسعار السلع مع الأسف من المتوقع بحسب جولدمان ساكس أنها تزيد بأكتر من 40% في 2023 من الآخر استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية لفترة طويلة هيعقد الأمور أكتر أما بقى لو أنت عايش في دولة عندها مشكلة في أسعار الصرف أو في كفاية الموارد الدولارية إلى جانب طبعاً التضخم المستورد زي لبنان مثلاً فالأمل هنا مش أن الأسعار تنخفض لا الأمل هو أنها تتوقف عن الزيادة وقوفها مكانها شيء عظيم جداً خصوصاً وأن عدم استقرار أسعار الصرف بيخلي فيه عشوائية وتشوهات في أنشطة التسعير بتلاقي سلع ومنتجات متسعرة بأسعار غير منطقية بسبب خوف المنتج أو التاجر أو المستورد من ارتفاع أسعار الصرف وقدرته على إعادة بناء مخزونه وبسبب إقبال المستهلك على شراء سلع هو مش محتاجها بس علشان يحافظ على فلوسه في ظل الظروف دي كله بيلوش في بيئة زي دي استقرار الأسعار هيحصل بمجرد استقرار العملة وتوافر نقد أجنبي كافي لتغطية الواردات استقرار أسعار الصرف علشان يحصل لازم الاحتياطيات تزيد والاحتياطيات علشان تزيد بسرعة ما فيش وصفات أو حلول سهلة في ظل استمرار الفدرالي في سياساته الحالية الأموال الساخنة تفضل بعيد عن الأسواق الناشئة على الأقل لحد نهاية 2023 تقريباً ودا ياخدنا لحلول تانية زي الاستعانة بمؤسسات التمويل الدولية زي صندوق النقد الدولي وبيع أصول الهند مثلاً عملت الحاجتين دول في 1991 لما الاحتياطي بتاعها وصل لأقل من مليار دولار راحت لصندوق النقد الدولي وبدأت في خصخصة كتير من المؤسسات والشركات الحكومية ولما كل دا ما كفاش اضطرت أنها تستخدم احتياطياتها من الذهب باعت جزء ورهنت جزء وخدت قصاده قروض كل دا علشان توفر فلوس تأمن بيها وارداتها من الغذاء والطاقة كانت فترة صعبة جداً على الهند ولكنها قدرت تتخطاها وتتجاوزها وبقت النهار دا صاحبة خامس أكبر اقتصاد في العالم المهم في ظل الظروف دي لازم التقشف والتوفير في الإنفاق يبقى هو عنوان المرحلة بالنسبة للأسر ودا مهما كان مستواها المادي لأن زي ما ستي الله يرحمها كانت بتقول يا مستكتر الأيام أكتر أنا كدا خلصت كلامي وكالعادة عندي سؤال لحضراتكم برأيك إمتى الدول العربية يبقى عندها قاعدة إنتاجية ضخمة تكفي احتياجاتها من ناحية وتخليها قادرة تتجنب صدمات موجات التضخم العالمية المفاجئة من ناحية تانية؟ هتابع إجاباتكم في التعليقات وفي النهاية يا ريت لو عجبتك الحلقة دي وحابب تشوفنا تاني اشترك في القناة واستنانا في حلقات جديدة بإذن الله سلام
2023-01-08 13:50